-->

الثقوب الدودية: الأنفاق الكونية العجيبة التي تختصر الزمكان



الثقب الدودي (بالإنجليزية: wormhole)‏ هي في الحقيقة ممرات دودية تخيلية موجودة داخل الثقوب السوداء لكنها حتى الآن أسيرة النظرية الرياضية، فهي لم ترصد بأي طريقة وذلك لصعوبة الكشف عن ما يحويه الثقب الأسود. و كما ذكر في النظرية التي طرحتها فهي قد تسمح للمسافر في أحدها بأن يخرج إلى كون آخر أو زمن آخر فهي ممرات كونزمنية وربما تتصل بالثقوب البيضاء من الطرف الآخر منها.

يُعرف الثقب الدودي أيضا باسم جسر آينشتاين-روزين ، هو خاصية طوبوغرافية افتراضية من الزمكان التي من شأنها أن تكون في الأساس «اختصارا» من خلال الزمكان. والثقب هو مثل الكثير من الأنفاق مع وجود طرفين كل في نقطة منفصلة في الزمكان.

كما يمكن أيضا تعريف الثقب الدودي (Wormhole) بأنه عبارة عن ممر نظري موجود في الزمكان (Space-time)، وبإمكانه خلق طرق مختصرة لرحلات طويلة عبر الكون. تم التنبؤ بالثقوب الدودية من قبل النسبية العامة. لكن احذر: تجلب الثقوب الدودية أخطاراً معها وتتضمّن تلك الأخطار الانهيار المفاجئ، والإشعاع العالي والاتصال الخطير مع مادة غريبة.

وإلى الآن لم يُرصد بالفعل، ولكنه قُدِّم كأحد أضلاع المثلث الثلاثة لنظرية النسبية العامة، حيث استخدم الفزيائيان أينشتاين وروزن هذه المصطلح، حيث قدمَا هذه النظرية في عام 1935.
وقد افترضا أنَّ الثقب الدودي هو جسر أو ممر طويل يوجد داخل الثقب الأسود، ومن المحتمل أن يكون هذا الثقب محل الحديث -الثقب الدودي- متصلاً بثقب أبيض من طرفه الآخر وهكذا دواليك، كما يطلق عليها أيضاً جسور أينشتاين-روزن.
من المفترض أن تنشأ الثقوب السوداء Black Hole جراء انهيار وموت نجمٍ ما وانتهاء فترة تواجده بالكون، لينشأ منه هذا الثقب الأسود، ولكن لا يقوم من تلقاءِ نفسِهِ بخلق ثقباً دودياً، وهذا الأخيرا يشرح مورفولوجياً إلى أنه يحتوي على فمين كرويين (ناحيتين مفتوحتين) يصل بينهما ممر طويل ومستقيم، يلقبه بعض الفلكيين بالحنجرة، وهذا المسار(الخط) المستقيم يمكنه الالتفاف، وهناك بعض التخيلات التي تُعزى لهذه الثقوب البيضاء، فعلى سبيل المثال وعندما يتم شحن الثقب الدودي بكمية كافية من المادة الغريبة Exotic Matter فإن ذلك وبالتبعية يؤدي إلى إمكانية استخدام الثقوب البيضاء في ارسال إشارات ومعلومات ورسائل للمسافرين عبر الفضاء.

” إنَّ الـتَـفـْـرِقَةَ بَيـْـنَ المَاضِي والحَاضِر والمُسْتَـقـْـبــَــل لهِي وَهمٌ مُقيمٌ عَنيدٌ “

-ألبرت أينشتاين-

المواد الكونية

ووجب لفت الانتباه إلى مصطلحٍ فلكيٍّ مهم، وهو المادة الغريبة Exotic Matter، وهو عبارة عن مادة كونية تمتلك كثافة سالبة للطاقة، وكذلك تتميز بامتلاكها لضغطٍ سالب، ويجب عدم الخلط بينها وبين المادة المضادة Antimatter وكذلك أيضاً المادة المظلمة Dark Matter، حيث أن المادة المضادة هي عبارة عن الشيء المعاكس للمادة الأصلية، فمثلاً البوزيترون يمتلك شحنة موجبة، بينما الإلكترون يمتلك شحنة سالبة، ولكن يشبه البوزيترون الإلكترون في كل شيءٍ آخر بخلاف الشحنة، فالبوزيترون موجب الشحنة، ولكن الالكترون سالب الشحنة، لذا البوزيترون مادة مضادة، وأما عن المادة المظلمة فهو الاسم الذي تمَّ اعطاؤه لتلك المادة التي تنفلتُ نتيجةً لتحليل منحنيات دوران المجرة.

الثقوب الدودية بين النظرية والخيال

كان التصوُّر القديم للكون لا يتحمَّل أيَّ انبعاج في النسيج الكوني، فمثلاً كان التصور القديم للكون والمجرات ينصُّ على أنه لا يمكن خرق وتبعُّج الكون، لأن هذا سيؤدي وبالتبعية لانتهاء العالم بأسره، مثل محاولة طيِّ لوح زجاجي رفيع، ومن ثمَّ سينكسر، هكذا التشبيه الدقيق على حدٍّ سواء. بعد ذلِكَ جاء أينشتاين وقدَّمَ نظرية النسبية العامة، والتي قال فيها أن الكون عبارة عن اتحادٍ بين الزمان والمكان، وأطلقَ عليه "نسيج الزمكان"، والذي ينص على أن الكون عبارة عن نسيج زمكاني مطَّاط يمكن تشكيله وخرقه كقطعة العجين بالضبط. ونصَّت النظرية سالفة الذكر على وجود عددٍ من الثقوب، هي السوداء والبيضاء، والدودية، والأخير ابتدأ كحل لمعادلات أينشتاين نظرياً أي أنه نظرياً موجودٌ بالفعل، ولكن عملياً لا يوجدُ ما يؤكدُ وجوده. لم تتمكن الأجهزة الاصطناعية البشرية إلى الآن من رصدٍ لأي ثقبٍ دوديٍّ، ولكن هناك تصوُّراتٍ خيالية فقط، ويُعَّدُ أهم تصوَّرٍ له هو نموذج أينشتاين-روزن -سَالـِـف الذِكْرِ بالسطورِ الأُولَى- والذي افترضا فيه أن الثقب الدودي عبارة عن ثقبٍ أسود يبتلع أيَّ شيءٍ اقتربَ مِنْهُ مهما كان، بما في ذلك الضوء بسرعته الخارقة، التي تبلغ 300,000 كم في الفراغ، وينتهي من الطرف الآخر بنوعٍ آخر من الثقوب يُسمَى الثقب الأبيض، ووظيفته عكس وظيفة الثقب الأسود تماماً، كما وضحنا مسبقاً بالسطور الأولى، حيث أن وظيفة الثقب الأسود الرئيسية هي ابتلاع أيِّ شيءٍ يمرُ بجانبه، وعلى النقيض الثقب الأبيض، الذي يرمي أيَّ شيءٍ بداخله للخارج، مثل مشهد الانفجار العظيم بالضبط، وأهم ما يميز ما يحدث بداخل الثقب الأبيض هو أن الزمن يسير بالاتجاه المعاكس السلبي، فبدلاً من أن يتقدم الزمن للأمام، فإنه يمر بالخلف، وهذا يُعاكِس ويُضاد كل قوانين الفيزياء النظرية التي طُبِقَت في كوننا المُعَاش، وأيضاً في الكون المُعَاش هناك قانونٌ فيزيائيٌّ ومنطقيٌّ قبل أن يكون فيزيائي، وهو أن السببَ أو المُسَبِبَ يسبق النتيجة، والذي يُسمى قانون السببيَّة، ولكن في الثقوب الدودية -كما تصورا أينشتاين وروزن- النتيجةُ تسبقُ السببَ أو المُسَبِبَ، أي بالعَكْسِ تماماً!

النموذج الثاني الذي يتصوَّرُ الثقوب الدودية، هو نموذج يتبعُ نظرية الأوتار الفائقة، والذي يتبنى فكرة أن بعد وقتٍ قصيرٍ من الانفجار العظيم، حدثت مجموعة من التقلبات حصلت على المستوى الكمِّي من الجُسيمات، وهذه التقلبات كانت السبب وراء بناء عددٍ لا بأس به من الجسور عددها لا يمكن إدراكه والتي تتواجد بين مختلف زوايا الكون، وهذا الجسور عبارة عن خيوط رفيعة مربوطة ببعضها البعض عن طريق أوتار سُمِيَت بالأوتار الكميَّة، وبعد الانفجار العظيم تبعثرت الكثير من الثقوب البيضاء نتيجة لقوى الانفجار العظيم، وأصبحت المسافات بينها تُـقَـاسُ بآلاف السنين الضوئية، ويقترحُ النموذج أنَّ الثقوب الدودية تُشبِهُ إلى حدٍ كبير الثقوب السوداء فقط، بالشبه فقط، ولكن لا تتألف منها، لدرجة إننا وإن نظرنا إلى الثقوب الدودية من بعيد يُتخيَّلُ لنا أنها ثقوباً سوداءً ولكنها لسيت كذلك.

الثقوب الدودية اصطناعياً

حاول العلماءُ وبجديَّة ابتكارَ وصُنعَ ثقبٍ دوديٍّ في الفضاء، بعدما قالوا أن الثقوب الدودية من المستحيل تواجدها طبقاً للنظريتين أو التصورين السابقين، ولكن هذا وبالعلم يتطلبُ عددًا من الشروط، وهي؛ أن يكون الثقب الدودي يربطُ بين مكانين على مسافةٍ شاسعةٍ وكبيرة للغاية، وأن لا يحتوى على ما يُطلَق عليه أُفق الحدث، وهي المنطقة الموجودة في الثقب الأسود والتي بدروها مسؤولةٌ عن ابتلاع أيِّ شيءٍ يمرُ من خلالها، والشرط الثالث والأهم وهو ان يمتلك هذا الثقب الدودي مساحة معينة تسمح ألا تكون جاذبيته كبيرة لدرجة قتل المسافرين من البشر عبر هذا الثقب الاصطناعي.

الزمن كبعد رابع بين الخيال والواقع... وهل هو موجودٌ بالفعل؟

أضافت النسبية التي قدمها لنا المَشْكُورُ سَعْيـُـه وإن قل ألبرت أينشتاين، الزمن كبعد رابع، بحيث أنه كان من المنظور الكلاسيكي للأبعاد أنها تشمل الطول والعرض والارتفاع، ولكنه أتى بإضافةٍ هي الأولى من نوعها، وهي إضافة الزمن كبعد رابع، ومن ثمَّ فإن نسيج الزمان ونسيج المكان متلازمان، ليعطيا بجمعهما معاً نسيج الزمكان، فنحن نمارس كلاسيكية الأبعاد الثالثة (الطول، العرض، الارتفاع)، ونستخدمهم في حياتنا يومياً، فنحن نسير للأمام وللخلف ويعدُ ذلك طولاً، ونسير في اليسار واليمين ويعدُ ذلك عرضاً بالنسبة للسير في الأمام والخلف، وعندما نقفز للأعلى وللأسفل فهذا بالنسبة للطول والعرض ارتفاعاً، وهكذا، أما البعد الرابع (الزمن)، والذي وطبقاً لنظرية أينشتاين مقياساً مطلقاً لسرعة حركة الأجسام، ومن ثمَّ يمكننا الآن القول بأن الزمن دالة في السرعةِ النسبيةِ بين الأجسام، ويتباطأ البعد الرابع كلما كان الفارق بين السرعة النسبية هذه بين جسمين متحركين يقترب من سرعة الضوء، وعندما تصبح السرعة مساوية تماماً لسرعة الضوء، وعليه فإن البعد الرابع هذا (الزمن) يتوقف تماماً عندما تصبح سرعة هاذين الجسمين مساوية تماماً لسرعة الضوء (300,000 كم)... هكذا وباختصار مفهوم البعد الرابع طبقاً لنظرية آينشتاين.

إن التعريف المبسط للثقب الدودي كما يمكن تصوره في السطح الفضائي ثنائي الأبعاد (2D)، في هذه الحالة، فإن الثقب يمكن تصويره على سطح 2D من الأنبوب الذي يربط أجزاء مختلفة من السطح. أفواه الثقب هي مماثلة لثقوب على طرفي الأنبوب في طائرة 2D. فإن وجود الثقوب الفعلية تكون مماثلة لهذا ولكن مع الأبعاد المكانية التي يثيرها والتي يمكن أن تكون على غرار تمثيل رياضي حتى إذا وجدنا من المستحيل تصورها. على سبيل المثال، بدلاً من الثقوب الدائرية على متن طائرة 2D، يمكن لأفواه الثقوب الحقيقية أن تكون شبيهة بالكرات في الفضاء ثلاثي الأبعاد.

إن الباحثين لا يملكون أي أدلة لرصد الثقوب الدودية، ولكن معادلات النظرية النسبية العامة لها حلول صالحة لوجود هذهِ الثقوب. وبسبب قوة أدلة الثقوب من الناحية النظرية، وكلمة الثقب هي واحدة من الاستعارات في الفيزياء الكمية لتدريس نظرية النسبية العامة. وكان النوع الأول من كشف حل معضلة الثقب هو الثقب شوارزشيلد، الذي من شأنه أن يكون موجوداً في شوارزشيلد متري تصف حالة الثقب الأسود الأبدية، ولكن تبين أن هذا النوع من الثقب سينهار جدا بسرعة عن أي شيء لعبور واحدة من النهاية إلى نهاية أخرى. إن الثقوب التي يمكن أن تكون في الواقع قد عبرت في كلا الاتجاهين، والمعروفة باسم الثقوب بالسفر إليه أو عبره، لن يكون ممكناً إلا إذا كانت المسألة الغريبة مع كثافة الطاقة سلبية فيمكن أن تستخدم لتحقيق الاستقرار لها.

في تأثير كازيمير ما يدل على أن نظرية الحقل الكمومي تسمح لكثافة الطاقة في مناطق معينة من الفضاء أن تكون سلبية نسبياً مقارنة بالطاقة الكهربائية العادية، ولقد ثبت أنه من الناحية النظرية أن نظرية الحقل الكمومي تسمح للحالات حيث الطاقة يمكن أن تكون تعسفا سلبية عند نقطة معينة. العديد من الفيزيائيين مثل ستيفن هوكينغ، كيب ثورن, وآخرين وبالتالي القول بأن هذه الآثار قد تجعل من الممكن تحقيق الاستقرار في الثقب المراد السفر إليه أو عبره. ولم يتم العثور على أي عملية في الفيزياء الطبيعية التي يمكن توقعها لتشكيل الثقب بشكل طبيعي في سياق نظرية النسبية العامة، على الرغم من أن رغوة الكم تستخدم أحيانا فرضية تشير إلى أن الثقوب الصغيرة قد تظهر وتختفي من تلقاء نفسها في مقياس بلانك، والإصدارات المستقرة من مثل هذه الثقوب قد اقترحت كما في مرشحى المادة المظلمة . كما تم اقتراح أنه إذا كان الثقب صغيرا والذي استقر مفتوحا من قبل سلسلة كونية سلبية شاملة قد ظهرت في وقت من الانفجار الكبير، كان يمكن أن تكون قد تضخمت إلى حجم نطاق ماكرو من قبل التضخم الكوني.

نظرية الثقب الدودي(Wormhole Theory):
في عام 1935، استخدم الفيزيائيون البرت اينشتاين وناثان روزن نظرية النسبية العامة لاقتراح وجود "جسور" في نسيج الزمكان. وتُعرف هذه المسارات بجسور اينشتاين-روزن أو الثقوب الدودية. تصل هذه الثقوب بين نقطتين مختلفتين وموجودتين في الزمكان، مما يؤدي نظرياً إلى خلق طريق مختصر يُمكن أن يُقلل من زمن السفر ومن المسافة أيضاً.
 تحتوي الثقوب الدودية على فَمين (mouths) مع وجود لحنجرة تصل الفمين معاً. ومن المرجح أن تكون الأفواه كروية، أما الحنجرة فقد تكون شريطاً مستقيماً، لكن يُمكنها الالتفاف، مما يؤدي إلى سلوكها مساراً أطول من الطرق التقليدية المتاحة. وتتنبأ النظرية العامة في النسبية رياضياً بوجود الثقوب الدودية، لكن لم يكتشف أحد حتى الآن وجود هذه الثقوب. ربما يتم التقاط الكتلة السالبة لثقب دودي بنفس الطريقة التي تؤثر فيها جاذبيته على الضوء الذي يعبر خلاله.
 تسمح حلول محددة للنسبية العامة بوجود الثقوب الدودية التي يكون فيها كل جانب من جانبي الثقب الدودي عبارة عن ثقب أسود. على أية حال، تتشكل الثقوب السوداء بشكلٍ طبيعي جراء انهيار نجم ميت ولا تقوم من تلقاء ذاتها بخلق ثقبٍ دودي.

داخل الثقب الدودي (Through Wormhole)
الخيال العلمي مليءٌ بالقصص التي تتحدث عن السفر عبر الزمن باستخدام الثقوب الدودية. لكنَّ واقعية هذا السفر أكثر تعقيداً ولا يكمن السبب في أننا لم نشاهد ثقباً دودياً فقط، فالمشكلة الأولى هي الحجم. تم التنبؤ بوجود الثقوب الدودية البدائية عند المستويات الميكروسكوبية (المجهرية)، أي عند أبعاد تصل إلى 10^-33 سنتمتر. وعلى أية حال، يتوسع الكون ومن الممكن في يومٍ ما أن تتمدد بعض تلك الثقوب الدودية وتصل إلى أحجام أكبر.
تنشأ مشكلة أخرى من الاستقرار. فالثقوب الدودية، التي تم التنبؤ بها من قبل روزن-اينشتاين، ستكون غير مفيدة للسفر لأنها تنهار بسرعة. لكن وَجد بحثٌ حديث جداً أن ثقباً دودياً يحتوي مادة "غريبة" يستطيع أن يبقى مفتوحاً ودون تغير لفترات أطول من الزمن. تمتلك المادة الغريبة (Exotic Matter)، التي يجب الانتباه إلى عدم الخلط بينها وبين المادة المظلمة (Dark Matter)، أو المادة المضادة (Antimatter)، كثافة سالبة للطاقة ومقدار كبير من الضغط السالب. وتم رصد مثل هذه المادة في سلوك نوع معين من حالات الفراغ وهو جزء من نظرية الحقل الكوانتي (Quantum Field Theory).
إذا احتوى ثقب دودي ما على كمية كافية من المادة الغريبة التي قد تكون ناتجة بشكلٍ طبيعي أو تمت إضافتها صناعياً، يُمكن بالتالي ونظرياً استخدام الثقب الدودي كطريقةٍ لإرسال المعلومات أو المسافرين عبر الفضاء. قد لا تقوم الثقوب الدودية بوصل منطقتين منفصلتين من الكون فقط، بل وتستطيع أيضاً الوصل بين كونين مختلفين. بشكلٍ مشابه، اعتقد بعض العلماء أنه إذا تحرك أحد مدخلي الثقب الدودي وفقاً لوضعٍ معين، يُمكن أن يُسمح بالتالي بالسفر عبر الزمن. على أية حال، جادل عالم الكون البريطاني ستيفن هوكينغ باستحالة هذا الأمر.
على الرغم من أن إضافة المادة الغريبة إلى ثقب دودي ما تجعله مستقراً إلى درجة تسمح للمسافر البشري بالسفر بأمان عبره، إلا أنه لاتزال هناك احتمالية تنصّ على أن إضافة مادة "نظامية" قد تؤدي إلى عدم استقرار ملحوظ في هذا الممر. وحتى لو كان بالإمكان إيجاد الثقوب الدودية، إلا أن تقنيات اليوم غير كافية من أجل تكبيرها أو جعلها مستقرة. وعلى أية حال، يستمر العلماء باستكشاف هذا المفهوم كطريقة للسفر عبر الفضاء آملين أن تصبح التكنولوجيا في النهاية قادرة على الاستفادة من تلك الثقوب.

طريقة مبتكرة للعثور على الثقوب الدودية

في أكتوبر 2019 نشر فيزيائيون منهجية جديدة من شأنها أن تسعد عشاق الخيال العلمي، من خلال توفير دليل إرشادي للعثور على الثقوب الدودية، وهي بنية نظرية تتيح المرور بين مناطق مختلفة من الزمكان.

حيث أعلن فريق بحثي من جامعة "بافالو" الأميركية عن طريقة نظرية يمكن استخدامها لإيجاد الثقوب الدودية في الفضاء، عن طريق تتبع النجوم التي تتخذ مدارات حول الثقب الأسود العملاق الموجود في مركز مجرتنا درب التبانة.

وبحسب الدراسة الجديدة التي صدرت في دورية "فيزيكس ليترز دي" يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول، فإن النجوم التي تدور حول الثقب الأسود المسمى "القوس أ" الموجود في مركز مجرتنا، يمكن أن تتأثر بجاذبية النجوم الموجودة في الطرف الآخر من الثقب الدودي فيختل مدارها.

ويضيف باحثو الدراسة أنه يمكن قياس هذا الاختلال إذا قمنا -خلال فترة زمنية طويلة- بدراسة دقيقة جدا لمدار النجم "إس 2" الذي يدور حول الثقب الأسود العملاق في مركز مجرتنا، فإذا مر بثقب دودي فسنلاحظ ذلك.

ومن الناحية النظرية، يمكن أن تربط الثقوب الدودية جزأين من الفضاء في نقاط زمنية مختلفة تماما، وبغض النظر عن المسافة بينهما.

والآن، نشر علماء جامعات: "بوفالو" و"كيس وسترن ريزيرف" في الولايات المتحدة و"يانغتشو" في الصين، بحثا جديدا في Physical Review D لتوضيح تفاصيل طريقة جديدة يمكن أن تحدد مواقع الثقوب المحتملة.

واقترحوا متابعة منطقة Sagittarius A*، والتي يُعتقد أنها تحتوي على ثقب أسود هائل في منتصف مجرتنا. وتتطلب الثقوب الدودية، من الناحية النظرية، الظروف الجاذبية القصوى لمثل هذا الثقب الأسود الهائل.

وفي حال وجود ثقب دودي، فإن النجوم القريبة ستتأثر بجاذبية النجوم على الجانب الآخر من نفق الثقب الدودي، لذا يقترح الباحثون البحث عن الحالات الشاذة في مدارات النجوم القريبة من Sagittarius A*.

ومع ذلك، لا تُعلّق الآمال على احتمال السفر عبر الزمن من خلال الثقب الدودي، حيث يقول الدكتور ديان ستويكوفيتش، المعد المشارك في الدراسة، إنه حتى لو كانت الثقوب هذه موجودة، فمن المحتمل ألا تكون كما رأيناها في محاكاة على شاشات البحث لدينا.

ويمكن أن يؤدي استخدام المنهجية هذه الهادفة إلى تحديد الثقوب الدودية، إلى إيجاد بنى أخرى قد تؤدي إلى التأثيرات نفسها على النجوم القريبة، كما تفعل الثقوب الدودية من الناحية النظرية.

ثقوب في نسيج الكون
الثقوب الدودية هي من الافتراضات النظرية لنسبية ألبرت أينشتين، ولفهم الفكرة الخاصة بها تخيل أن هناك نملة لا يمكنها أن ترى للأعلى أو للأسفل، فقط يمكن أن ترى حولها، ووظيفة هذه النملة هي السير من السطر الأخير إلى العنوان بالأعلى على صفحة إحدى الجرائد، ثم تتوجه للسطر الأخير مرة أخرى، وتتم كل رحلة خلال تلك الدورة في عشر دقائق.

الآن ستقوم أنت بلف تلك الصفحة بحيث تصبح على شكل أسطوانة، هنا سيصبح السطر الأخير قريبا من العنوان بالأعلى. وبالنسبة للنملة فإن قفزة واحدة للأمام بعد وصولها للسطر الأخير ستنقلها فورا إلى العنوان، حينما يحدث ذلك فإن النملة ستظن أن ما حدث هو معجزة، لأنها لا تتمكن من إدراك أنك قمت بلف ورقة الجريدة.

الكون كذلك كسطح ورقة الجريدة بالنسبة لنا نحن البشر، إلا أننا لا نتمكن من إدراكه بهذا الشكل لأنه ينحني في أبعاد أعلى، بينما تتكون خلايانا -وبالتالي إدراكنا- في إطار البعد الثالث فقط.

بالتالي يمكن أن تكون هناك نقاط في هذا الكون مرتبطة ببعضها بعضا بطريقة لا يمكن أن ندركها، هذه الارتباطات هي الثقوب الدودية.

حيث نحتاج -على سبيل المثال- أن نسافر لمدة آلاف الأعوام كي نصل إلى نجم الشعرى اليمانية الذي يقع على مسافة حوالي ثماني سنوات ضوئية، لكن عبر ثقب دودي فإن تلك الرحلة لن تأخذ سوى لحظة واحدة، ندخل في الثقب الدودي من هنا فنخرج من هناك.
‪الثقب الدودي يصل بين نقطتين زمكانيتين في الكون‬ (بيكسابي)


رحلة غير ممكنة
وبحسب الدراسة الجديدة، فإن تلك الأنفاق الكونية المختصرة ستوجد غالبا في محيط مجالات جذب عالية، وهنا جاء تصور الباحثين من جامعة "بافلو" أنها توجد في محيط أكبر مجال جذب في مجرتنا، وهو الثقب الأسود الكبير الموجود في مركزها.
ولطالما أثارت تلك الطرق الكونية المختصرة انتباه كتاب الخيال العلمي، لكنهم -لأغراض الإثارة- أخطؤوا في توصيفها.
وعلى سبيل المثال، لا يمكن لنا أن نجري داخل الثقوب الدودية كما تجري السيارات في الأنفاق، ولكن إن حدث وتواجد ثقب دودي فإنك ستدخله لتخرج فورا من الجهة الأخرى.
أضف إلى ذلك أنه حتى لو وجدت الثقوب فإنها ستنهار فورا، ولإبقائها مفتوحة يجب أن نستخدم مادة ذات طاقة سالبة، وهي حالة نظرية فقط لا نعرف إن كان من الممكن أن تتواجد في هذا الكون أم لا.

توضيح لبعض المصطلحات الواردة:

المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.

المادة المضادة (antimatter): تتميز المادة المضادة عن المادة بامتلاكها لشحنة معاكسة، فمثلاً: يمتلك البوزيترون (الالكترون المضاد) شحنة معاكسة للالكترون ويُماثله فيما تبقى. وكان العالم بول ديراك أول من اقترح وجودها في العام 1928 وحصل جراء ذلك على جائزة نوبر للفيزياء في العام 1933، أما الفيزيائي الأمريكي كارل اندرسون فكان أول من اكتشف البوزيترون في العام 1932 وحصل على جائزة نوبل في العام 1936 عن ذلك الاكتشاف. يُمكن رصد البوزيترون في تفكك بيتا لنظير الأكسجين 18O2. لكن في وقتٍ سابق لاندرسون، رصد العالم السوفيتي (Dimitri Skobeltsyn) وجود جسيمات لها كتلة الكترونات ولكن تنحرف في اتجاه معاكس لها بوجود حقل مغناطيسي أثناء عبور الأشعة الكونية في حجرة ويلسن الضبابية وحصل ذلك في العام 1929، وقام طالب معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا شونغ شاو برصد الظاهرة نفسها في نفس العام، لكنهما تجاهلا الأمر، اما اندرسون فلم يفعل ذلك. تعمل تجربة ALPHA التابعة لمنظمة الأبحاث النووية الأوروبية على احتجاز ذرات الهيدروجين المضاد وهي ذرة المادة المضادة الأبسط. المصدر: ناسا وسيرن والجمعية الفيزيائية الأمريكية.


المصادر:
  • Morris, Michael؛ Thorne, Kip؛ Yurtsever, Ulvi (1988)، "Wormholes, Time Machines, and the Weak Energy Condition" (PDF)، Physical Review Letters، 61 (13): 1446–1449، Bibcode:1988PhRvL..61.1446M، doi:10.1103/PhysRevLett.61.1446، PMID 10038800، (PDF) في 30 نوفمبر 2019.
  • Thorne, Kip S. (1994)، Black Holes and Time Warps، W. W. Norton، ص. 494–496، ISBN 0-393-31276-3.
  • RT News
  • Morris, Michael S. and Thorne, Kip S.. "Wormholes in spacetime and their use for interstellar travel: A tool for teaching general relativity". American Journal of Physics 56, 395-412 (1988).
  • Einstein, Albert and Rosen, Nathan. "The Particle Problem in the General Theory of Relativity". Physical Review 48, 73 (1935)
  • Wormholes may be viable shortcuts through space-time after all, new study suggests: an online-published scientific topic. On link: (https://2u.pw/IlKYh).
  • Einstein's theory of general relativity: an online-published scientific topic. On link: (https://2u.pw/wIlYy).
  • General Relativity: an online-published video. On link: (https://2u.pw/Bou0h).
  • When time didn’t exist, through the wormhole with Morgan, an online-published video. On link: (https://2u.pw/Lg1pg).
  • Relativity: the special and the general theory, a book as online-published one, available on link: (https://www.f.waseda.jp/sidoli/Einstein_Relativity.pdf).
  • منظمة المجتمع العلمي العربي - الثقوب الدودية ... عندما يتلاشى الزمن - للكاتب متولي حمزة - 5 يونيو 2022
TAG

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

شاركنا بتعليقك ، مع مراعاة :
- أحترام الآداب العامة وأحترام الرأي الآخر
- عدم الأساءة الى أي جهة سواء كانت دينية أو سياسية
- عدم مشاركة الروابط والأعلانات منعاً باتاً

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *