![]() |
صورة بالاعتماد على الاشعة تحت الحمراء حيث تكشف المزيد من التفاصيل المخفية |
ما هي وظيفة نظارات الرؤية الليلية، وما هي كواشف الألغام الأرضية، وما هي الوسيلة المستخدمة للدراسات الفلكية للكون؟ قد تبدو هذه المواضيع غير مترابطة، ولكنها مشتركة بشيء واحد. في بعض الأحيان كل هذه المواضيع مرتبطة بمدى صغير من الضوء يقع بين الضوء المرئي وامواج الميكروويف في الطيف الكهرومغناطيسي هذا الضوء يعرف باسم الضوء تحت الأحمر infrared light أو الأشعة تحت الحمراء.
الطّيف الكهرومغناطيسيّ
الطّيف الكهرومغناطيسيّ هو عبارة عن مجموعة من الموجات والجُزَيئات الكهرومغناطيسيّة المُنبعِثة بأطوال موجيّة وتردُّدات مُختلفة، ويُقسَم هذا الطّيف إلى سبعة أماكن مُرتّبةٍ حسب تناقُص الطّول الموجيّ، وزيادة الطّاقة، والتردُّد، ومن الأشعّة الكهرومغناطيسيّة الأشعّة تحت الحمراء، والأشعّة فوق البنفسجيّة، وموجات الرّاديو، والموجات الصُغريّة المعروفة بأشعّة الميكروويف (بالإنجليزيّة: Microwaves).
الأشعّة تحت الحمراء
الأشعّة تحت الحمراء (بالإنجليزيّة: Infrared Radiation) أشعّة كهرومغناطيسيّة، لا يستطيع الإنسان الشّعور بها أو رؤيتها؛ فالعين البشريّة لا تستطيع رؤية معظم الطّيف الكهرومغناطيسيّ عدا الضوء المرئيّ، ولكن يمكن للإنسان أن يشعر بحرارتها، وهي إحدى طُرُق نقل الحرارة، تماماً مثل طريقتي: الحمل والتّوصيل.
الطّول الموجيّ للأشعّة تحت الحمراء أطول من الطّول الموجيّ للضّوء المرئيّ؛ فهو يتراوح بين 30سم و740 نانومتراً، وبذلك تأتي بعد الضّوء المرئيّ مُباشرةً، وقبل الموجات الصغريّة، أمّا تردُّدها فيتراوح بين التردُّدين 3 جيجاهيرتز و400 تيراهيرتز تقريباً.
تنبعث الأشعّة تحت الحمراء من أيّ جسم ذي درجة حرارة (-268) درجةً مئويّةً، وتنبعث كذلك من الشّمس؛ حيث إنّ نصف الطّاقة التي تنبعث منها تكون على شكل أشعّة تحت حمراء، كما إنّ مُعظم الضّوء المرئيّ المُنبعِث منها والذي يُمتَصّ أو يُعادُ بعثه يكون على هيئة أشعّة تحت حمراء، وتنبعث أيضاً من المصابيح المتوهّجة التي تحوّل 10% من الطاقة الكهربائيّة إلى ضوء مرئيّ، أمّا ما تبقّى منها ونسبتها 90% منها فتُحوَّل إلى أشعّة تحت حمراء.
اكتشاف الأشعّة تحت الحمراء اكتُشِفت الأشعّة تحت الحمراء عام 1800م، وذلك عن طريق عالم الفلك البريطانيّ ويليام هيرشل، حيثُ أجرى تجربةً لقياس الاختلاف في درجات الحرارة بين الألوان في الطّيف المرئيّ، فوضع أجهزةً لقياس الحرارة في مسار الضّوء لألوان الطّيف المرئيّ كلّها، وما لاحظه هو زيادة درجة الحرارة عند الانتقال من اللون الأزرق إلى اللون الأحمر، وحتّى بعد اللون الأحمر، فقد كانت درجات الحرارة أيضاً مُرتفعةً.
تطبيقات عمليّة للأشعّة تحت الحمراء
من التّطبيقات العمليّة التي تعتمد الأشعّة تحت الحمراء بعضُ الأجهزة والمعدّات المُستخدَمة في المنازل، ومنها: محمصة الخبز؛ حيث تعتمد على الأشعّة تحت الحمراء لبَعث الحرارة وتسخين الخبز، وكذلك الحال في أنواعٍ مُعيّنةٍ من المصابيح، ومن أبرز استخدامات الأشعّة تحت الحمراء وأشهرها هو استخدامها في أجهزة التحكُّم عن بُعد للتّلفاز؛ حيثُ يعتمد الاتّصال بين جهاز التحكُّم والتلفاز على الأشعّة تحت الحمراء، وفيه تُرسَل البيانات المكوَّنة من النّظام الثنائيّ على شكل نبضاتٍ، فيتلقّى اللاقط الموجود في التلفاز هذه النّبضات، ويُحدّد الأوامر التي يجب أن يقوم بها المعالِج الموجود في التلفاز، مثل: تغيير القناة، أو تحديد مستوى الصوت، أو غير ذلك، ويمكن استخدام هذه الأشعّة في الاتّصال اللاسلكيّ عن بُعدٍ يُقدَّر ببضع مئاتٍ من الأمتار.
ومن أهمّ فوائد الأشعّة تحت الحمراء كشف أماكن الأجسام واسشعارها؛ فأيّ جسم على وجه الأرض يبعث أشعّةً تحت حمراء، وتكون على هيئة حرارة، ويُمكن اللّجوء إلى أنواع من الحسّاسات الإلكترونيّة كالبولومتر للكشف عنها؛ فالنظّارات الليليّة وبعض أنواع آلات التّصوير مبنيّة على هذا الأساس؛ فالبولوميتر جهاز حسّاس للأشعّة تحت الحمراء، ويتكوَّن من تلسكوب، وحسّاس للحرارة (ثرمستور) موجود داخلَه، وعند دخول جسم يبعث حرارةً في مجال رؤية هذا الجهاز، فإنَّ هذه الحرارة ستؤدّي إلى تغيير فولتيّة الثرمستور، وبهذا سيتمكَّن الجهاز من الكشف عن الأجسام.
تستخدم كاميرات الرّؤية الليليّة نسخةً أكثر تطوُّراً من البولومتر؛ فهي تحتوي جهاز اقتران الشُّحنة (بالإنجليزيّة: CCD)، وهو عبارة عن رُقاقة تصوير حسّاسة لضوء الأشعّة تحت الحمراء، تُحوّل الصّورة المُلتقَطة بواسطة هذه الكاميرات إلى صورة يمكن إنتاجها على شكل ضوء مرئيّ، ومن المُمكن صناعة هذه النُّظُم لتكون صغيرةً بما يكفي؛ لاستخدامها في الأجهزة المحمولة، أو نظّارات الرّؤية الليليّة، أو في فوّهة البندقيّة؛ للتّعيين وتسهيل إصابة الهدف، ويمكن أن يُضاف ليزر أشعّةٍ تحت حمراء معها للتّوجيه.
يستخدم العديد من العلماء الأشعّة تحت الحمراء في مُختلَف المجالات؛ فعلماء الفلك يستخدمونها في دراسة المجرّات التي تبعُد سنين ضوئيّةً عن الأرض، ويعتمد عليها جهاز كشف الآثار علماء الآثار لدراسة الآثار القديمة، وحفظ الأعمال الفنيّة والتاريخيّة القيّمة، إضافةً إلى الكشف عن بعض التّفاصيل التي لا يمكن للعين البشريّة أن تلاحظها في القطع الأثريّة القديمة واللوحات، أمّا في مجال الصّناعة، فتُستخدَم الأشعّة تحت الحمراء في اختبار الأنظمة الميكانيكيّة ورصدها.
سلبيّات الأشعّة تحت الحمراء
تعمل أجهزة التحكُّم عن بُعد التي تستخدم الأشعة تحت الحمراء مُدّةً لا تقلّ عن 25 سنةً، ولكن توجد بعض السلبيّات المُرتبِطة بطبيعة الأشعّة تحت الحمراء نفسها؛ إذ يُقدَّر مدى هذه الأجهزة بحوالي 10م، وهي تتطلَّب أن يكون الجهاز مُوجَّهاً بخطٍّ مُستقيم ومباشر مع اللاقط، وهذا يعني أنَّ إشارة الأشعّة تحت الحمراء لن تستطيع المرور من خلال الجُدران، أو حول الزّوايا.
ومن المشاكل الأخرى التي ترتبط بالأشعّة تحت الحمراء مُشكلة التّداخُل؛ نظراً للتوسُّع الكبير في استخدامها؛ فالأشعّة تحت الحمراء مُنتشرة انتشاراً كبيراً، فهي موجودة في أشعّة الشمس، كما تنبعث من جسم الإنسان، والمصابيح الفلوريّة، ويُعدّ هذا دليلاً على مدى انتشارها في حياة الإنسان اليوميّة، ولتجنُّب تداخل أشّعة أجهزة التحكُّم عن بُعد مع مصادر أخرى للأشعّة تحت الحمراء كالتي سبق ذِكرُها، فإنّه تتمّ معايرة جهاز استقبال هذه الأشعّة في التّلفاز؛ ليستجيب لطولٍ موجيٍّ مُعيَّنٍ فقط دون غيره، وهو عادةً 980 نانومتراً، حيث تُصفّى الأطوال الموجيّة الأخرى عن طريق جهاز الاستقبال ذاته.
رغم مُعايرة أجهزة الاستقبال ما زال من المُمكن تداخُل أشعّة الشّمس مع إشارة جهاز التحكُّم؛ لأنَّها تحتوي الطّول الموجيّ نفسه الذي تمّت برمجة جهاز الاستقبال عليه ليستجيب لها، ولمعالجة هذه المشكلة، يُبرمَج جهاز التحكُّم عن بُعدٍ بحيث يستخدم تردُّداتٍ غير موجودة في أشعّة الشّمس، ولكنّ هذه الطّريقة ليست مثاليّةً، إلّا أنّها كافية للحدّ بشكل كبير من التّداخلات.
الأشعة تحت الحمراء في العالم
عين الإنسان تشعر بالضوء المرئي المكون من الضوء الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي وكل الظلال التي تكون بين هذه الألوان. وهذا الضوء المرئي يعتبر جزء صغير جدا من الضوء في هذا الكون الفسيح. فهناك أمواج الراديو وأشعة اكس وأمواج الميكروويف وهي كلها أنواع مختلفة من الضوء، والذي يعرف بالاسم العلمي المعتمد على مكونات الضوء بالأشعة الكهرومغناطيسية electromagnetic وانتشار مدى هذه الأنواع المختلفة من الضوء كبير جدا ولذلك نقول طيف الأشعة الكهرومغناطيسية عند التحدث عن كل الضوء في الكون، ولكن هذا الطيف الواسع يقسم إلى مناطق كل منطقة محددة بنطاق من الترددات بوحدة الهرتز Hz ويطلق على كل منطقة اسم قد يعود لأحد تطبيقاته مثل أمواج الراديو والمستخدمة في الاتصالات او الضوء المرئي وهو المدى من الترددات التي تستطيع العين ان تبصره وهناك منطقة تحت الحمراء وتلك التي تكون تردداتها اقل من الضوء المرئي وهناك الضوء فوق البنفسجي وواضح إنها المنطقة التي تزيد فيها الترددات عن الضوء المرئي وهناك مناطق من الطيف اكتشفت حديثا مثل أشعة اكس وأطلقت هذه التسمية لكون هذه الاشعة كانت مجهولة فجاءت التسمية x-ray وأحيانا نقول اشعة رونتجين نسبة للعالم الذي اكتشفها. في الشكل أدناه مخطط للطيف الكهرومغناطيسي ونطاق الترددات التي ينتشر فيها كل نطاق وبالمقابل الأطوال الموجية حيث اننا نعلم ان الطول الموجي هو حاصل قسمة سرعة الضوء على التردد.
طيف الاشعة الكهرومغناطيسية
الأشعة تحت الحمراء تعرف باسم Infrared وتكتب اختصارا IR وهي الأشعة التي تقع في المدى المجاور لمدى رؤية العين كما هو موضح في المخطط اعلاه. ولكن ليس لان العين لا تستطيع إبصار الأشعة تحت الحمراء فإننا لا يمكن ان نستفيد منها، بل بالعكس هناك العديد من التطبيقات التي تعتمد على الأشعة تحت الحمراء.
الرؤية في الليل باستخدام نظارات الرؤية الليلية
في الصورة اعلاه مشهد لزرافة وسلحفاة في احدى حدائق الحيوانات عندما تم تصويرها بكاميرا تعمل بالاشعة تحت الحمراء. هذه الصور تظهر المناطق الدافئة في الزرافة ذات الدم الحار وتبدو متوهجة بإصدار اشعة تحت حمراء اكثر بالمقارنة مع السلحفاة ذات الدم البارد.
الرؤية من خلال أجهزة تعمل بالأشعة تحت الحمراء استخدمت في الحروب وفي هذه الصورة نرى قوات عسكرية تداهم احد المنازل في الليل الدامس وترى الأشياء بوضوح كما في الصورة من خلال نظارات ليلية مثبتة على خوذات الجنود.
إذا كنت تبحث عن شخص ما مختبئ في الظلام استخدم نظارات رؤية ليلية وسوف تجده كأنه في وضح النهار. الصور الخضراء التي تنتج من تلك النظارات تمكن القوات الجوية والعسكرية والصيادين وحتى الهواة من رؤية ماذا يحدث في الظلام الدامس. لان هذه النظارات ترى من خلال انبعاث الأشعة تحت الحمراء التي تصدر عن الأجسام عند مختلف درجات الحرارة وبالتالي فهي لا تحتاج إلى مصدر ضوء خارجي يسقط على الجسم لينعكس على العين مثلما ترى العين الأشياء. وهناك ثلاثة أنواع مختلفة من أجهزة الرؤية الليلية كلها تعتمد على الأشعة تحت الحمراء بطرق مختلفة.
(1) التصوير الحراري
اذا كنت في ظلام دامس، فأنت تحتاج إلى استخدام نظارات الرؤية الليلية الحرارية لرؤية الأجسام. مثل الأشخاص والأماكن والأشياء حيث إنها جميعا تصدر أشعة تحت الحمراء تتناسب كميتها مع درجة حرارتها. نظارات الرؤية الحرارية تكون صور الكترونية تعتمد على اختلاف درجات الحرارة للمشهد فالأجسام الحارة تبدو مضيئة أكثر من الأجسام الباردة. وهذا يكون تباين في الصورة يظهر على شاشة النظارة بأي لون سواء الأزرق أو الزهري ولكن اللون الأخضر هو الأكثر استخداما لان حساسية العين للون الأخضر هي الأكثر وبالتالي تتمكن العين بسهولة من فصل الظلال باللون الأخضر عن أي لون أخر.
(2) التصوير في الضوء المنخفض الشدة
نوع آخر من نظارات الرؤية الليلية يعتمد على وجود بعض الضوء في المكان. وتقوم بتكبير إشارة الضوء بنفس الطريقة التي تعمل بها مكبرات الصوت عندما نقوم بزيادة شدة الصوت في جهاز التسجيل مثلا. تقوم هذه النظارات من هذا النوع بالاستفادة من الأشعة المرئية والأشعة فوق البنفسجية والأشعة المرئية وكذلك الأشعة تحت الحمراء المتوفرة جميعا في المكان وتستخدم بعض التقنيات الالكترونية لتكبير الإشارات وتكوين الصورة المرئية للمشهد. ونظام النظارات ذات الضوء المنخفض تلك تقوم بتكوين الصورة بدقة عالية باستخدام كل الأطياف المذكورة لتمكن من توضيح الصورة بدرجة كبيرة تتمكن من تحديد هوية أي شخص في المكان في حالة وجود ضوء منخفض جدا لا تستطيع العين المجردة ان تميز الأشخاص به.
(3) الصور بجوار الأشعة تحت الحمراء (القريب جدا للضوء المرئي)
هذه التقنية تعتمد على مصدر للأشعة تحت الحمراء ولاقط او كاشف للأشعة تحت الحمراء. يقوم مصدر الأشعة تحت الحمراء بإصدار ضوء غير مرئي (أشعة تحت حمراء) ويقوم الكاشف بالتقاط الصورة. ويمكنك تخيل فكرة عملها مثل الكاميرا بالفلاش حيث يصدر الفلاش الضوء الذي ينعكس على الجسم وتقوم الكاميرا بالتقاط هذا الضوء وتكوين الصورة للمشهد. وفي هذه الحالة يستخدم فلاش يصدر أشعة تحت حمراء بدلا من الضوء الأبيض. هذه التقنية مفيدة جدا في حالات عندما ترغب في رؤية ماذا يحدث في المكان دون ان تصدر أي ضوء ابيض قد يحذر الموجودين او يزعجهم ويستخدم هذا النظام بكثرة في انظم الحماية في المطارات على سبيل المثال.
المصادر:
ساينس ألرت
فيزكس أنستراكشن
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا بتعليقك ، مع مراعاة :
- أحترام الآداب العامة وأحترام الرأي الآخر
- عدم الأساءة الى أي جهة سواء كانت دينية أو سياسية
- عدم مشاركة الروابط والأعلانات منعاً باتاً